اسليدرالأدب و الأدباء

أرجوك لا تتزوجني

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم : فاطمة الرفاعى

الشمس تخطو خطواتها نحو المغيب تاركة خلفها سحاب رمادي كثيف
زحام فى السماء بالسحب الكئيبة وزحام فى الأرض بسيارات وكلاكسات وأقدام بشر مسرعة هى وحدها وسط الزحام لا يشعر بها احد بعد أن انتهى يوم عملها الشاق وها هى تخرج بخطوات متثاقلة من باب الشركة

نظراتها سابحة فى اللاشيء مشتتة الذهن ضائعة تشعرانها تجسيد للامعنى , فقد كان هو المعنى وسارت حياتها يدونه بلا معنى , كان أنفاسها
والابتسامة الوحيدة التي تضيء أيام عمرها الضائع , ولكن لماذا صدمها تلك الصدمة ؟

وتركها تنزف نزيفا داخليا حتى قاربت على الموت , لماذا
صارحها بأنه يحب زوجته حبا رومانسيا كالذي يحبه لها ؟
شعرت أن شللا قريبا سيصيب عقلها من كثرة التفكير ولكنه لا يتوقف أبدا عن ذلك , وعاد الحوار يرتسم أمامها من جديد كما حدث بالأمس القريب

هى : أتحبها

هو : نعم

هى : اى نوع من الحب اهى مشاعر الوفاء لزوجة عشت معها عشر سنين

هو : ربما وربما أحبها حبا رومانسيا كالذي أحبه لك

هى : غير معقول , هل يمكن لرجل أن يحب امرأتين فى ذات الوقت وبنفس القدر

هو : نعم إنها فطرة الله فى الرجل والتي تختلف عن المرأة ولولا ذلك ما
احل الله التعدد

هى : ولكن هذه هى المرة الأولى التي تصارحني فيها بهذه الحقيقة , لماذا
لم تصارحني من قبل ؟ أنت تعرف اننى امرأة متطرفة فى حبها اننى لا اقبل المشاركة فى المشاعر وهذا شرطي فى شريك حياتي

هو : أنت تحاولين خلق مشكلة من العدم وتتهربين من الزواج ربما لأسباب لا اعرفها

هى والدموع تتساقط من عينها : أنا التي انتظرتك سنوات وسنوات اكتفيت فيها من الدنيا بحبك والآن تتهمني هذا الاتهام

هو : حبيبتي اعلم انك تعذبتى كثيرا وها نحن الآن نحقق حلمنا ونتزوج

هى : حلم اى حلم وسعادة لامرأة تتزوج رجل مشترك , شركة فى كل شيء فى الجسد والوقت والاهتمام وحتى المشاعر تقاسمها فيها الثانية

هو : هل كنت ترغبين أن اكذب عليكى وأخدعك

هى : ليتك فعلت بدلا من ان تصدمني هذه الصدمة

هو : لا أحب أن نبنى حياتنا على كذب وآنت على يقين أنى أعشقك
غصة فى القلب وأخرى فى المعدة أفاقتها من حالة الذهول والاستغراق التي تلازمها فهي لم تأكل شيئا منذ ليلة أمس لم تأكل ولم تشرب ولم تنام

لقد أشعلت كلماته حرائق الأحزان فى صدرها واغتالت فرحتها فى مهدها
عبرت الشارع بجبين متقطب وبتجاعيد بارزة تحمل قلبها الممزق وأمالها الضائعة وصدمتها فى الرجل الوحيد الذي أحبته
دخلت محل الكشري المقابل بذاك الوجة المسكين

جلست على المائدة شاردة ونظراتها العشوائية الضائعة تتفحص وجوة الجالسين , تصمر بصرها على ذلك الرجل الذي يأكل بشرهة على المائدة المجاورة وكأنه لم يأكل منذ سنين , لقد التهم كل طبق الكشري ثم أشار إلى الجار سون

وقال بصوت مرتفع ” الكمالة لو سمحت ”
الكمالة الكمالة ظلت الكلمة ترن فى إذنها وتمركزت فى عقلها وكأنما صادفت بئرا فى قلبها فسقطت فيه

الكمالة هى تلك الحالة بين عدم الشبع والاقتراب من الشبع من خلال طبق صغير يسمى الكمالة

همست فى نفسها : نعم أنا الكمالة فى حياة حبيبي , انه يحب زوجته حبا حقيقيا ولكنه غير مشبع حتى النهاية
عصرتها الخاطرة وإذابتها تلك الفكرة كيف ترضى على كرامتها هذا الوضع ؟ مهما كان حبها له ليتها لم تعرفه , ليتها لم تراه ,

لقد اغرقها فى بحور الهم حتى الاختناق وتركها لا هى حية ولا هى ميتة , حياتها يدونه موت وحياتها معه بهذا الوضع موت وعليها أن تختار الآن بين إحدى الميتتين
شعرت و كأنما حكم الإعدام ينفذ فيها وان حبال الدنيا والهم تلتف حول عنقها فتخنقها
بكت وبكى معها قلبها فهو الوحيد الذي يشعر بألمها خباءت وجهها بكفيها حتى لا يراها الناس

مسحت دموعها بعد أن شعرت بقوة خفية تدفعها لم تشعر بنفسها إلا وهى تخرج هاتفها المحمول قالت له فى رسالة قصيرة :

أعشقك ولكن أرجوك لا تتزوجني

رئيس التحرير

المشرف العام على موقع العالم الحر

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى